تلخيص ممتاز لمادة علم الإجرام ( الجزء الرابع ) "علاقة علم الإجرام بالعلوم الجنائية " - فضاء الخوارزمي

أخر الأخبار

الخميس، 23 ديسمبر 2021

تلخيص ممتاز لمادة علم الإجرام ( الجزء الرابع ) "علاقة علم الإجرام بالعلوم الجنائية "

تلخيص ممتاز لمادة علم الإجرام ( الجزء الرابع ) 

"علاقة علم الإجرام بالعلوم الجنائية " 

بسم الله الرحمان الرحيم 

في إطار ملخص علم الإجرام تطرقنا في المواضيع السابقة الى الأجزاء الأولى من علم الإجرام على الشكل التالي : 

* ( الجزء الأول) تعريف علم الإجرام

* ( الجزء الثاني ) "مفهوم الجريمة و المجرم "

* (الجزء الثالث )"الطبيعة العلمية لعلم الإجرام وعلاقته بالعلوم الجنائية: "

تذكير : يمكنكم تحميل كامل الأجزاء في ملف واحد pdf من أسفل كل موضوع 

سنتطرق في هذا الجزء الى علاقة علم الإجرام بالعلوم الجنائية 

المبحث الثاني: علاقة علم الإجرام بعلم الأدلة الجنائية:

رغم تباين اهتمامات كال من علم الإجرام وعلم الأدلة الجنائية، فإن العديد من الأشخاص يقيمون خلطا فادحا بينهما وذلك بسبب المصطلح المستعمل باللغة الفرنسية للدلالة على العلمين،(علم الأدلة الجنائية=criminalistique ،وعلم الإجرام=criminologie ). 

ويمكن تعريف علم الأدلة الجنائية على أساس كونه مجموعة من العلوم والتقنيات المستعملة من طرف العدالة الجنائية قصد إثبات الماديات المكونة للفعل الإجرامي لإدانة مرتكب الفعل، وذلك بالاستناد إلى تقنيات علمية تسمح بمعرفة مرتكب الجريمة وملابسات ارتكابها من خلال جمع وتحليل العناصر المادية التي تدل على شخص المجرم. 

ويتضمن هذا العلم ما يلي: - علم القياس البشري الذي يهتم برفع البصمات على الأدوات المستعملة من طرف مرتكب الجريمة؛ - الطب الشرعي الذي بالاستناد على تحليل جسم الضحية وأنسجته يمكن التوصل إلى سبب وفاة الضحية، وكذا الأداة المستعملة لتحقيق ذلك الغرض؛ - علم الأسلحة النارية Balistique الذي يسعى إلى معرفة طبيعة السالح الناري المستعمل في ارتكاب الجريمة، والمسافة التي انطلقت منها الرصاصة إضافة إلى وجود الشرطة العلمية، والشرطة التقنية، والكلاب البوليسية، وعلم النفس القضائي وغيرها من الأساليب التقنية والعلمية. وخالفا لوجهة نظر المدرسة الموسوعية النمساوية، لا يشكل علم الأدلة الجنائية فرعا من فروع علم الإجرام.

 فالهدف الأساسي لعلم الأدلة الجنائية هو معرفة مرتكب الجريمة بقصد تقديمه للعدالة الجنائية لمحاكمته وهو بذلك يقتصر اهتمامه على الجانب المادي للجريمة هادفا من وراء ذلك البحث عن وسائل إثباتها لإلقاء القبض على مقترفيها لمحاكمتهم وبذلك يمكن القول أن علم الأدلة الجنائية يشكل إحدى فروع قانون المسطرة الجنائية.

 أما علم الإجرام فهو يهدف من خلال دراسة الظاهرة الإجرامية إلى تفسير الفعل الإجرامي كما يدرس شخصية المجرم والعوامل التي أفضت به إلى ارتكاب الجريمة. ورغم هذه الفروقات في اهتماماتهما العلمية فذلك لا يعني مطلقا انعدام الصلة والعالقة بينهما: يعتمد علم الأدلة الجنائية، على معطيات الدراسة العلمية لعلم الإجرام للتوصل إلى تطوير وسائل ومناهج التشخيص والبحث عن المجرمين. 

ويجد علم الإجرام في علم الأدلة الجنائية معطيات هامة للغاية لدراسة المجرم والجريمة. وعلى سبيل المثال فإنه يعتبر هاما بالنسبة لعالم الإجرام معرفة تقنيات ارتكاب جرائم السرقة، أو معرفة من هم الأشخاص الذين يكونون ضحايا النصب والاحتيال، لمعرفة الشريحة اجتماعيا وثقافيا وعمريا وتوزيعهم جغرافيا.

المبحث الثاني: العلاقة بين علم الإجرام وعلم العقاب:

 يعتبر علم العقاب أحد فروع العلوم الجنائية التي تهتم بدراسة وظائف العقوبات الجنائية، وقواعد تنفيذها والطرق المستعملة في التنفيذ. ويعتبر علم العقاب طبقا للتعريف الكلاسيكي، كعلم موضوع اهتمامه ينحصر فقط في العقوبات السالبة للحرية، لكونها كانت العقوبة الوحيدة المعروفة آنذاك. 

لكن على ضوء تطور المعرفة العلمية بالظاهرة الإجرامية، إضافة إلى تطور الأنظمة العقابية والتشريعات الجنائية، أصبحت مجالات واهتمامات علم العقاب أوسع مما كانت عليه في السابق. 

وفي نهاية القرن التاسع عشر، كان علماء الإجرام الفرنسيين يعتقدون، وهو اعتقاد خاطئ بأن علم العقاب ليس إلا جزءا من علم الإجرام، علما أن هذا الاعتقاد لا زال علماء الإجرام الأمريكيون من أشد المدافعين عنه. 

وطبقا لهذا الاعتقاد يتم تقسيم علم الإجرام إلى قسمين كبيرين: علم أسباب الجريمة، وعلم العقاب، وهذا يعني أن علم العقاب محكوم عليه بفقدان استقلاليته، لأن عملية الدمج بين العلمين هذه ليست اعتباطية في نظرهم إذا كان علم العقاب يهدف إلى مكافحة الجريمة والوقاية منها، فهو في سبيل تحقيق ذلك يهتم أساسا بالعقوبة الجنائية، لكن لن يستطيع تحقيق ذلك دون الاعتماد المطلق على نظريات ونتائج علم الإجرام الذي يسعى إلى معرفة أسباب ودوافع الإجرام، والكشف عن أنماط المجرمين وسماتهم الشخصية. غير أنه  لا يجب توسيع علم الإجرام على هذا النحو، ذلك أن علم العقاب يتضمن ثالثة فروع رئيسية: -قانون التنفيذ - تقنية إدارة المؤسسات العقابية وسائل علاج المجرمين. فقانون تنفيذ العقوبة يندرج في نطاق القانون الجنائي، في حين تندرج تقنية ادارة المؤسسات العقابية في إطار القانون الإداري، وبالتالي فهي تتميز من هذه الوجهة عن علم الإجرام ولا توجد أدنى روابط بينهما. 

أما الفرع الثالث، ويقصد به مجموع وسائل العلاج المستعملة للوقاية من العود لارتكاب الجريمة، إذن فإن أهدافه ومناهجه المستعملة للوقاية من الحالات ألا تكون لها أية علاقة حقيقية وواقعية مع اهتمامات علم الإجرام. لكن هذا التمييز لا يعني وجود فصل تام وجامد بينهما بل هناك علاقات وطيدة بينهما. 

فإذا كان علم الإجرام يهتم أساسا بالبحث في أسباب الظاهرة الإجرامية وتفسيرها للكشف عن القوانين التي تتحكم فيها، فإن الغايات الأساسية لعلم العقاب تكمن في تحديد الأهداف الاجتماعية للعقوبات الجنائية والتدابير الوقائية، وكذا استخلاص القواعد التي ينبغي مراعاتها في تنفيذ هذه العقوبات والتدابير الاحترازية من أجل تحقيق أغراضها،)أي إجمالا تقنيات مكافحة الجريمة(. قد يبدو من أول وهلة أنه لا توجد روابط بينهما، لكن في الحقيقة هناك تكامل بين العلمين، فإذا كان من بين الأهداف الأساسية لعلم العقاب هي اصلاح المجرم، فلن يتأتى ذلك إلا ببرنامج تقويمي أو إصلاحي يتكفل به علم الإجرام.

وهذه الروابط تزداد بكل تأكيد كلما تطورت دراسات علم الإجرام وفهمه العلمي لدوافع ارتكاب الجريمة، حقا إن هذا الفهم يساعد علم العقاب على صياغة علمية وإنسانية لنظام عقابي، يرتكز أساسا على ضوء الفهم العلمي لشخصية المجرم ووسطه الاجتماعي، فأصبح من اللازم وضع برنامج إصلاحي بدل تطبيق عقاب انتقامي للمجرم كما كان عليه الأمر في السابق. 

وهكذا ظهرت برامج إصلاحية تهدف إلى: معالجة المجرم) ف80 ق.ج (، وعلاج المجرم خارج أسوار السجن، والنظم شبه الوقائية والشبه العقابية، وهذه النظم تتعلق أساسا بالجانحين القاصرين مدمني المخدرات، ويعتمد علم الإجرام في سبيل محاولاته لفهم الظاهرة الإجرامية على المعطيات التي يمده بها علم العقاب خاصة ما يتعلق بظروف اعتقال المجرم وقضائه لفترة عقوبته داخل السجن، وهذه المعطيات يهتم بها أساسا علم الإجرام الوقائي وعلم الإجرام الإكلينيكي. 

وهكذا توجد علاقة جدلية بين علم الإجرام وعلم العقاب، فلا يمكن إجراء أي دراسة علمية جدية في إطار علم الإجرام تتوقف على الإلمام الدقيق بمبادئ علم العقاب.

 المبحث الرابع: العالقة بين علم الإجرام وعلم السياسة الجنائية:

 إن السياسة الجنائية أو السياسة المضادة هي مجموعة من الوسائل الزجرية التي تستعملها الدولة في إطار نصوص القانون الوضعي لمواجهة الجريمة، أو أنها ذلك العلم الذي يبحث في النشاط الذي يجب أن تسلكه الدولة لمحاربة الجريمة والوقاية منها.

 إلا أن معظم المحاولات الفقهية لتحديد تعريف دقيق للسياسة الجنائية ظلت قاصرة وعاجزة عن استيعاب الظاهرة الإجرامية في بعدها الاجتماعي أو في بعدها الإنساني.

 ولعل أدق تعريف للسياسة الجنائية، هو الذي وضعه الفقيه أنسل حيث عرفها بأنها:" مجموعة المبادئ والتدابير والإجراءات التي يواجه بها المجتمع الظاهرة الجريمة بهدف الوقاية منها ومكافحتها ومعاملة المجرمين". وبالمقابل فإن علم الإجرام يتولى البحث في الدوافع الإجرامية بصرف النظر عن كونها لها أبعاد فردية أو اجتماعية، وبالتالي فهو يقوم باقتراح الحلول الملائمة والتي من شأنها القضاء على تلك الدوافع، وبالتالي تعتبر السياسة الجنائية في نهاية المطاف مجموع الحلول العلمية التي يتوصل إليها علم الإجرام وهو بصدد دراسة الظاهرة الإجرامية. 

 وبناءا على هذه المعطيات اعتبر بعض الفقهاء بأن علم الإجرام جزء من السياسة الجنائية، واعتبرها البعض الآخر جزء من علم الإجرام. إذا كان علم الإجرام يسعى إلى تحديد دوافع وأسباب ارتكاب الجريمة باعتبارها واقعة فردية أو اجتماعية كعلم واقعي. فإن السياسة الجنائية علم قاعدي، لأنها تولي اهتمامها كليا لدراسة القاعدة القانونية. ودراسة مدى ملائمة التشريع الجنائي القائم، وهي في سبيل تحقيق ذلك تستعين بنتائج ودراسات علم الإجرام بغاية التوصل إلى صياغة أكثر ملائمة وفاعلية للقاعدة القانونية وذلك لكي تقوم بدور فعال في مكافحة الجريمة، لكن تلك الاستفادة لا تؤثر في استقلال واختلاف كل منهما عن الآخر.

وهذا اعتبر بعض الفقهاء بأن السياسة الجنائية هي النظام الذي يرسم المذاهب القمعية والوقائية التي يمكن تطبيقها عمليا مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف التاريخية وفقا للمعطيات العلمية والفلسفية . ويقرر من جهة أخرى مارك أنسل صراحة أن السياسة الجنائية هي علم و فن يشكلان معا أحسن صياغة للقاعدة القانونية الجنائية وذلك طبعا على ضوء معطيات ونتائج علم الإجرام.

 كما يلاحظ أن حجم تأثير علم الإجرام على السياسة الجنائية يزداد بفعل بروز أفكار مدرسة الدفاع الاجتماعي واختلاف نظرتها للجريمة والمجرم.

 المبحث الخامس: التميز بين علم الإجرام وعلم الاجتماع الجنائي:

 يعتبر علم الاجتماع الجنائي والعدالة الجنائية أحد فروع علم الإجرام القانوني الذي يهتم بدراسة مختلف ردود الفعل الاجتماعية ضد الجريمة.

 وينقسم علم الاجتماع الجنائي إلى ثالثة أقسام:

 1.علم الاجتماع القانون الجنائي والذي يهتم بالدراسة الإمبريقية للقوانين الجنائية؛

 2.علم اجتماع العقوبة: و تهتم بدراسة العقوبة كوقائعة اجتماعية ويتولى طرح تساؤلات بخصوص الشروط السيسيولوجيا للعقوبة، تطبيقها، وتطورها، وكذا الآثار المحتملة الانعكاسات على المجتمع؛

 3.علم إجتماع الدعوى الجنائية: يهتم بدراسة وظائف وطريقة عمل أجهزة العدالة الجنائية ( شرطة، قضاة ،قضاة التحقيق، خبراء، محامون...) والنتائج السوسيولوجية الناجمة عن أنشطتهم.

 لمدة طويلة ساد اعتقاد مفاده بأن علم اجتماع رد الفعل الاجتماعي ضد الجريمة يعتبر فرعا من فروع علم الإجرام، لكن في أيامنا هذه يذهب علماء الاجتماع الجنائي إلى أبعد من ذلك بكثير بحيث يعتبرون علم الإجرام جزء من علم الاجتماع الجنائي، ويختصرونه بالتالي تحت تسمية علم إجرام رد الفعل الاجتماعي الذي شهدت الولايات المتحدة الأمريكية ميلاده , ومنها انطلق لإكتساح جميع دول أوروبا. 

ولمدة طويلة ساد اعتقاد مفاده بأن علم اجتماع رد الفعل الاجتماعي ضد الجريمة يعتبر فرعا من فروع علم الإجرام، لكن في أيامنا هذه يذهب علماء الاجتماع إلى أبعد من ذلك بكثير حيث يعتبرون علم الإجرام جزء من علم الاجتماع الجنائي ويختصرونه تحت تسمية" علم الإجرام رد الفعل الاجتماعي" . لكنه في الحقيقة يجب إقامة تمييز بين علم الإجرام وعلم الاجتماع الجنائي: من حيث الأهداف: إن علم الإجرام هدفه الأساسي تفسير الظاهرة الإجرامية وتحديد العوامل الدافعة إلى ظهورها. أما علم الاجتماع الجنائي فإنه يهتم أساسا بدراسة مختلف المظاهر الواقعية لرد الفعل الاجتماعي على الجريمة كواقعة اجتماعية وبناءا عليه يعتقد بعض علماء الإجرام  بأن "تعبير رد الفعل الاجتماعي " هو مجرد تعسف لغوي.

 وكتب pinatel.j بأن علم الإجرام  ليس هو علم إجرام رد الفعل الاجتماعي ، ولن يكون حقيقة إلا فرعا من فروع علم الاجتماع القانوني  من حيث المناهج المستعملة: إن طبيعة علم الإجرام تجعله شموليا. 

مما يفسر اقتباس مناهجه الأساسية من مختلف التخصصات التي تصب فيه،( البيولوجيا الجنائية - علم اجتماع الجريمة - علم النفس الجنائي ...)، للوصول إلى بناء منهج مركب. أما طبيعة علم الاجتماعي الجنائي كعلم موحد، وبالتالي فهو يلجأ إلى تطبيق مناهج علم الاجتماعي. 

وغم هذه الاختلافات فإن ذلك لا يستبعد إمكانية إقامة علاقات تعاون أمر مستبعدا بل أكثر من ذلك هناك علاقة وطيدة بينهما:

 تأثير علم الاجتماع الجنائي على علم الإجرام: إن علم الاجتماع الجنائي يساعد علم الإجرام على تحقيق فهم جيد لبعض مظاهر الجريمة. وإن مفاهيم مثل الإجرام الثانوي واحتراف الإجرام التي تم تحديدها في إطار علم الاجتماع الجنائي ساهمت بشكل كبير في فهم الظاهرة الإجرامية بصفة عامة ومشكل العود بصفة خاصة. إضافة إلى تمكين علم الإجرام من معرفة ظروف عمل العدالة الجنائية وأخطائها التي ترتكبها في إدانة الأبرياء والتي يهتم بدراستها علم الاجتماع الجنائي، وهي عوامل ليست ببعيدة عن الظروف التي تكون سابقة لارتكاب الجريمة.

تأثير علم الإجرام على علم الاجتماع الجنائي: حقا إذا تساءلنا هل تثير الجريمة والمجرم أسئلة بخصوص الطريقة التي تشتغل بها العدالة الجنائية؟ وإذا ما ارتكبت هذه الأخيرة خطأ جنائيا بالإدانة، ألا يؤدي هذا المجرم المفترض بخطأ قضائي إلى إصدار رد فعل على الظلم؟ وما هي طريقة تعامل القاضي الجنائي؟

و هذا ما سنتطرق اليه في الجزء الخامس من ملخص علم الإجرام . يتبع.....

نظرا لطول الموضوع و للإلمام بكافة الجوانب المتعلقة بمادة علم الإجرام كان لا بد لنا من تقسيم الموضوع الى أجزاء 

أو يمكنكم تحميل الملخص كاملا من هنا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق