تلخيص ممتاز لمادة علم الإجرام ( الجزء الثاني ) "مفهوم الجريمة و المجرم " - فضاء الخوارزمي

أخر الأخبار

الثلاثاء، 21 ديسمبر 2021

تلخيص ممتاز لمادة علم الإجرام ( الجزء الثاني ) "مفهوم الجريمة و المجرم "

 تلخيص ممتاز لمادة علم الإجرام ( الجزء الثاني )

ملخص علم الإجرام


بسم الله الرحمان الرحيم 

تطرقنا في الموضوع السابق للجزء الأول من ملخص علم الإجرام و الذي تناول ل تعريف علم الإجرام و يمكنكم الرجوع لهذا الجزء من هناااااا

تذكير : يمكنكم تحميل ملخص علم الإجرام كاملا و على شكل PDF  من أسفل كل موضوع

في هذا الجزء من ملخص علم الإجرام سنقوم بتعريف الجريمة و المجرم من خلال تتبع التقسيم السابق لملخص علم الإجرام ( مفهوم الجريمة و المجرم , الطبيعة العلمية لعلم الإجرام ).

الفرع الثاني:مفهوم الجريمة والمجرم:

المبحث الأول:مفهوم الجريمة:

أول سؤال يجب طرحه لتحديد مفهوم الجريمة: هل مفهوم الجريمة يختلف بين الفقيه الجنائي وبين عالم الإجرام، أم أنه مفهوم متطابق ومتماثل؟

بالنسبة للفقيه الجنائي أن مصطلح مثل الجريمة والمرتكب للفعل الجنائي لها مفهوم ومعنى محدد وصارم للغاية. 

أما في إطار علم الإجرام فإن تحديد هذه المفاهيم (الجريمة.المجرم)، تصبح أكثر صعوبة وتعقدا والغاية من تحديد هذه المفاهيم ليس الرغبة في التوضيح من أجل التوضيح فقط،بل لأن حدود أبعاد فهمنا للظاهرة  الإجرامية،وكذا مستقبل النتائج العلمية تتوقف على المفهوم المعطى لها،وتبعا لذلك فإن فهمنا،وكذا طبيعة النتائج العلمية المتوصل إليها سوف تختلف حسب ما إذا اعتنقنا هذا المفهوم أو ذاك. إذن ما هو مفهوم الجريمة حسب علم  الإجرام؟

هناك،(المدرسة التقليدية)، من حدد ماهية الجريمة في المفهوم القانوني لها،وهو أمر لا يتقبله علماء المدرسة الوضعية.إذ يعتبرون المفهوم القانوني للجريمة لا يساعد على  الإلمام بجوهر الجريمة ولا على دراسة جوانبها  الإنسانية و الإجتماعية، بل أنه لا يساعد حتى على تفسير القانون الذي يحكمها. وبالتالي فهي مجرد شكلية ليس إلا، ومجردة من أي أساس علمي.ويتم الإستناد للدفاع عن وجهة نظرهم على سببين:

*السبب الأول: يكمن أساسا في الترميمات والإصالحات التشريعية التي هي في استمرار متواصل ودائم ،سواء في الزمان أو المكان.وذلك بشكل متواصل ومستمر مما ينجم عنه عدم استقرار عملية التجريم داخل القانون الجنائي الواحد واختالف الجريمة حسب الفئة القانونية التي نكون بصدد دراستها (جرائم القتل،جرائم الإغتصاب،مخالفات الأسعار، والتسول..).

*السبب الثاني: إضافة إلى أن انحصار الدراسات الإجرامية في نطاق  الإطار القانوني للجريمة من شأنه حرمان هذه الدراسات العلمية،من صفتي العمومية والثبات لازمتان لتوفر صفة العلم لهذه الدراسات.

وللخروج من نفق مأزق الإختالفات هذا تم التفكير في إرساء مفهوم عالمي يتجاوز طابع إقليمية القوانين الجنائية ويتجاوز الترميمات و الإصالحات التشريعية وبصيغة أخرى لا بد من صياغة مفهوم ثابت ويتصف بالمنطقية إضافة إلى أن يكون متجانسا وهو المفهوم  الإجتماعي.

إن أهم يا يتميز به التعريف  الإجتماعي للجريمة هو قيامه أساسا على قضية الربط بين الجريمة والقيم  الإجتماعية، لكونها تتعارض مع تلك القيم والمثل الأخالقية التي يقدسها المجتمع على أساس أنها عدوان على تلك القيم التي يعتمدها المجتمع لبلوغ رتبة الكمال والتطور.

وعلى هذا الأساس تم تعريف الجريمة بأنها كل فعل أو امتناع تتعارض بطبيعتها في كافة المجتمعات المتحضرة مع قواعدالأمانة والنزاهة والإستقامة والرحمة...لتعارضها مع الشعور بالعدالة،وأطلق عليها"جاروفالو" مصطلح الجريمة الطبيعية والتي من بينها،السرقة، القتل...

وطبقا لهذا التعريف فإن الجريمة لا يجب أن تختلف باختلاف المجتمعات،بل يتعين أن تبقى ثابتة في المكان والزمان،وهذا التحديد للجريمة يحيل بداهة على فكرة القانون. وانتقد تعريف جاروفالو لأن مسألة ثبات الجريمة نفسها في الزمان والمكان أمر لا ينطوي على حقيقة علمية،بل فما يعتبر جريمة الأن قد لا يعتبر كذلك غدا ،وما يعتبر جريمة في المغرب قد يكون فعل مباحا في بلد آخر والعكس صحيح،كتعاطي المخدرات في مجموعة من الدول الأوروبية،وإباحة قتل الرحمة في بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية وإباحة الشذوذ الجنسي...

وقد عرف "جريسبيني Grispini، "أحد أعمدت المدرسة الوضعية اإليطالية الجريمة بأنها: 

" كل فعل أو امتناع يتعارض مع القيم الأخالقية التي تواضع عليها الناس داخل المجتمع والتي تثير مشاعر المجتمع ويتدخل بالتالي المشرع لتجريمها طبقا لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص".

إلا أن أوجه النقد الموجهة لجريسبيني هي أن هذا ليس تعريفا للجريمة بقد ما هو تعريف لما يجب أن تكون عليه.

وما دام أن المفهوم القانوني والمفهوم الإجتماعي للجريمة انتقدا،فأي مفهوم يمكن اعتماده؟ إن المفهوم القانوني للجريمة وإن كان يفتقد للثبات في الزمان والمكان، فإنه يعد المفهوم الأكثر دقة ، والأقل إثارة للخلاف من المفهوم الإجتماعي.

وأمام موجة من الإنتقادات التي وجهت للمفهوم الإجتماعي للجريمة والتي أدت في النهاية بالعديد من علماء الإجرام إلى العدول عن مفهوم الإجتماعي للجريمة والإلتصاق والعودة إلى القانون الجنائي ، من أجل تحديد مفهوم الجريمة إلى درجة أن أحد أبرز علماء الإجتماع وهو إميل دوركايم والذي تخلى عن المفهوم الإجتماعي للجريمة وتبنى المفهوم القانوني لها ، وهكذا فقد كتب(نعني بالجريمة كل فعل معاقب عنه،وتجعل من الجريمة بناء على هذا التحديد موضوعا لعلم خاص هو علم الإجرام)،

- هنا كتب vitu et Merle بأن التعريف الوحيد للجريمة والذي يتعين اعتماده كأرضية لدراسة الظاهرة الإجرامية ، وهو التعريف القانوني

- وبعد الإتفاق على المفهوم القانوني للجريمة كأساس للدراسة الإجرامية التي يهتم بها علم الإإجرام ، فإنه ثمة إشكاليات حول تحديد نطاق الجريمة ضمن المفهوم القانوني لها.

*الإتجاه الأول: يرى أن هناك تطابق في فكرة الجريمة بين القانون الجنائي وعلم الإجرام؛

*الإتجاه الثاني: فإنه يسير الإتجاه المعاكس ، بحيث يعتمد تقسيما اصطناعيا للجريمة.

1.جرائم تكشف عن التكوين الإجرامي: وهي جرائم تكون ناتجة عن وجود قصد جنائي ويقابلها استياء واحتجاج من قبل أفراد المجتمع لتناقضها مع المبادئ والقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع.وبالتالي فهذه الجرائم هي التي يجب أن تشكل المقصود بالمفهوم القانوني للجريمة، وبالتالي هي التي يجب على علم الإجرام أن يتولى دراستها .وهي

تشمل سائر الجنايات ومعظم الجنح وبعض المخالفات.

2.جرائم ال تكشف عن الخطورة الإجرامية أو الميول العدواني أو عن التكوين الإجرامي فإنه من الضروري إقصاؤها من نطاق اهتمامات علم الإجرام وذلك لوجود سببين:

السبب الأول: لا يشترط المشرع وجود القصد الجنائي بالنسبة لهذه الجرائم ، كما هو عليه الأمر بالنسبة للجرائم الإقتصادية كتهريب النقود والغش في البضائع...

السبب الثاني: هو أن هذه الجرائم ال تحدث استنكار أو احتجاج لأنها لا تصطدم مباشرة بالمبادئ الإجتماعية والقيم الإخالقية السائدة في المجتمع. 

- إن القول بأن الجرائم التي لا تشكل خطورة لا تمس مباشرة بالقيم الإجتماعية ، فإنه ليس من الضروري أن تكون هناك قيم اجتماعية ، فقد تكون كذلك قيم سياسية واقتصادية فهي أيضا يقدسها المجتمع ، كجرائم التهرب الضريبي والغش في البضائع... والسبب أن هذه الجرائم لا تواجه بالإحتجاج من قبل المجتمع، فلأنها بكل بساطة ضمن فئة

الجرائم التي لا تخلف ضحايا. والقول أنها تخر ج من نطاق اهتمامات علم الإجتماع، وتتم دراستها تحث تسمية إجرام الياقات البيضات.

-إذا اعتمدنا التعريف القانوني للجريمة كأساس لدراسة الظاهرة الإجرامية، فإن مفهوم الجريمة في حقل علم  الإجرام، يتعين أن يكون شاملا لكل الجرائم بدون استثناء من أجل منهجية سليمة ومتجانسة.

المبحث الثاني:مفهوم المجرم:

قد تبدو للوهلة الأولى أن مفهوم المجرم لا يثير أي إشكالية في تحديده، لكن توجد إشكاليتين تجعلان وضع تعريف للمجرم مسألة صعبة مثل مفهوم الجريمة.

- الإشكالية الأولى: إثبات صفة مجرم على شخص ما؛

- معرفة ما إذا كان شرط المسؤولية لازما لإصباغ صفة مجرم على شخص ما؛

أولا:إثبات صفة مجرم: إن مفهوم المجرم ليس متماثلا في القانون الجنائي وقواعد المسطرة الجنائية وعلم الإجرام.

ولا يكسب الشخص صفة مجرم طالما ظل متهما طبقا لمبدأ قرينة البراءة الموجودة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسة لسنة 1966 والدستور المغربي لسنة 2011 حيث تمت دسترة هذا المبدأ . وهذا يعني أنه رغم إعتراف الشخص أمام الضابطة القضائية وأمام محاكم الدرجة الأولى والثانية فإنه يعتبر

في عداد الأبرياء إلى أن يحوز الحكم الصيغة النهائية.

أما في إطار علم الإجرام فمفهوم المجرم واسع، فالمجرم حسب علماء الإجرام هو الشخص الذي ارتكب جريمة وليس من الضروري أن يكون قد حوكم أمام العدالة الجنائية، كما أنه ليس من الضروري أن يكون موضوع متابعة أو تحقيق، أو من ذلك أن تظل هويته كمرتكب للفعل المعاقب عليه مجهولة من طرف الشرطة والعدالة الجنائية.

فالمقصود بالمجرم كل شخص اسند إليه ارتكاب الجريمة بشكل جدي، سواء أدانه القضاء بصفة نهائية أم لا.

ومن بين الأسباب التي أدت إلى عدم اشتراط عالم الإجرام حكم الإدانة كشرط أساسي لإضفاء صفة المجرم على شخص ما، هي أن الإدانة نفسها تبقى نسبية. خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار الخطأ الذي يمكن أن يقع فيه القضاء.كما أن هناك العديد من الجرائم التي تظل طي الكتمان وأن نسبة قليلة منها هي التي تصل إلى علم العدالة، وهذا ما يجعل  مفهوم المجرم في علم الإجرام يختلف عنه في مفهوم القانون الجنائي والإجراءات الجنائية.

ثانيا: المسؤولية الجنائية للمجرم: يلجأ علماء الإجرام إلى إقامة تمييز بين فئات المجرمين من زاوية المسؤولية الجنائية:

*المجرمون الأسوياء: هم المجرمون المتمتعون بالأهلية الجنائية الكاملة وذلك بسبب سلامتهم من كل العوارض المؤثرة عل الإدراك والإختيار.

*المجرمون غير الأسوياء: ويصنفون طبقا لمعايير المسؤولية إما مجانين أو شواذ، وبالتالي يكون في نظر القانون الجنائي في وضع غير المسؤول جنائيا عن الفعل الإجرامي الصادر منه.


-أما المجرم الشاذ فهو كل شخص مصاب بخلل جزئي في أحد الجوانب العضوية (النفسية أو العقلية)، لكن المجرم الشاذ لا يصل إلى حد انعدام المسؤولية الجنائية، بل به درجة من الإدراك والإختيار مما يتقرر تمتيعه بظروف التخفيف.

وبالإعتماد على هذا التصنيف اتجه بعض علماء الإجرام إلى استنتاج مفاده أن على علم  الإجرام الإكتفاء بدراسة الأولى دون الثانية.

فالطائفة الثانية سبب إجرامهم بين وواضح وهو راجح إلى الجنون أو الشواذ العضوي... وبالتالي فدراسة هذه الطائفة لن تكون إلا تحصيل حاصل، بل يجب أن تكون ضمن إهتمامات علم الأمراض النفسية والعقلية، كما يضاف المجرم القاصر إلى طائفة المجرمين غير الأسوياء.

أما فيما يخص إسقاط تكييف الجريمة عن الفعل المرتكب من طرف المجانين أو القاصرين ليس له أي أساس تشريعي علمي، فالمشرع الجنائي قرر عدم إخضاعهم للعقوبة طالما هذه الأخيرة لا تجدي معهم نفعا، وإنما تطبيق التدابير الإحترازية.

ويوجد بعض الأشخاص ( القاصرين، المجانين، الشواذ.)، لا يرتكبون جرائم، بل يكونون مسالمين عكس بعض الأشخاص الأسوياء، وبالتالي لو كان سبب الجرم هو الجنون أو عدم النضج العقلي لأجرم بالضرورة كل شخص تتوافر فيه هذه الصفة.

أما بخصوص الجرائم التي ترتكب بمناسبة مقاومة الإحتلال الوطني، إما نتيجة لغزو أو احتيال أو استعمار هنا يتفق علماء الإجرام أن المقامة الوطنية تعتبر واجبا وطنيا نابعا من حب الوطن والذي يدفع المواطن الغيور عن بلده إلى مقاومة الهجوم الأجنبي وبالتالي فالجرائم التي ترتكب في هذه المناسبة لا تعتبر جريمة إلا استثناءا حسب القانون الدولي الإنساني والذي يجرم الإعتداءات ضد الإنسانية مثل اختطاف المدنيين وقتلهم وقتل الأطفال...

هذا التقديم من المحاضرة للفرع التالي:

بما أن الجريمة شر اجتماعي منذ أقدم العصور، كان لا بد من تكريس الجهود الإدارية والتربوية والأسرية...من أجل مواجهتها ومحاربتها، وذلك لكونها تعتبر وباء اجتماعي، فحسب إحصائيات الأمم المتحدة فالجريمة تلتهم ما يقارب 5 %من الناتج الداخلي الإجمالي الخام فكل الباحثين من قبيل إميل دوركايم وبوذا فيلسوف الهند، وكونفوشيوس 

فيلسوف الصين، يؤكدون أن الجريمة شر اجتماعي وبالتالي فهي ترعب وتزعزع التماسك الإجتماعي والإقتصادي...، وبالتالي لا يمكن محاربة هذه الظاهرة إلا بمقاربتها ودراستها.

فبفضل الجريمة تقدمت مجموعة من العلوم والنظريات العلمية وذلك بفضل الجريمة ومن ذلك الأحبار العلمية،فكلما تطورت أساليب التزوير كان ذلك سببا في تطوير الحبر والذي يكون غير قابل للتزوير أو أوراق غير قابلة للتزوير مثل جوازات السفر وبطاقات الهوية، ومن ضمن الحقائق العلمية الثابتة أن الجريمة ليست موضوعا يحتكر دراسته علم

الإجرام،وبالتالي فهي موضوع دراسة واهتمام علمي لعدد من المواد التي تأسس الأسرة الكبيرة لما يعرف بالعلوم الجنائية. 

الفصل الثاني:الطبيعة العلمية لعلم الإجرام وعالقته بالعلوم الجنائية:

الفرع الأول:الطبيعة العلمية لعلم الإجرام:

انقسمت أراء الباحثين حول مدى إضفاء صفة العلم على الدراسات التي تهتم بالبحث في أساليب ودوافع السلوك الإجرامي، فهناك من شكك في تلك الطبيعة العلمية، وهناك من تمسك بإضفاء صفة العلم على هذه الدراسات.

وما يلاحظ أن الظاهرة الإجرامية لا تتم دراستها كظاهرة موحدة دون تجزئتها إلى مظاهر ومستويات مختلفة، وذلك بفعل تداخل عدة علوم وحقول معرفية أخرى، مما أدى إلى القول لدى بعض الباحثين أن علم الإجرام علم مركب وبالتالي مستقل.

وفي جانب آخر يرى البعض أن علم الإجرام ال يمكن اعتباره علما مستقال بذاته لأنه يتكون من مجموعة من العلوم الأخرى نذكر منها:

1.علم النفس الجنائي: إن التحليل النفسي اهتم طويلا بالسلوك الإجرامي، ولكن فقط من زاوية اعتباره خللا أو مرض عقلي، علما أن"سيزار لمبروزر"،لم يغفل دور العامل النفسي واعتبر المجرم وحش مجنون، وبالتالي فعلم النفس الجنائي هو أيضا بدوره له اهتماماته الخاصة بالظاهرة الإجرامية،ولكن فقط في حقل اهتماماته العلمية.

2.علم الإجتماع الجنائي: لا يتم دراسة الظاهرة الإجرامية من الزاوية النفسية، بل أيضا يتم إعتبار العامل السوسيولوجي له دور هام في هذا المجال.

فمنذ النصف الأول من القرن التاسع عشر قام Quetelet et Guerry بصياغة قوانين الإجرام بالإعتماد على أولى الإحصائيات الجنائية التي تم إصدارها آنذاك.

أما دراسة العوامل السوسيولوجية بدأت مع تأسيس المدرسة الفرنسية للوسط االجتماعي، وذلك من طرف (تارد و دوركايم ؛جولي؛الكاساني)،دون إغفال إنريكوفيري الذي قام قبل ذلك بالإشارة إلى أهمية العامل السوسيولوجي في انتاج وتفسير الظاهرة الإجرامية. 

3.البيولوجيا الجنائية: لا يمكن إنكار أن أولى الخصوصيات التي تميز الظاهرة الإجرامية، وأثار انتباه علماء الإجرام هو الجانب البيولوجي، وقد نتج عن ذلك الإهتمام بالنظرية الشهيرة التي قام بوضع أساسها مؤسس علم الإجرام سيزار لمبرورز، وهي نظرية المجرم بالميلاد حيث اعتبر المجرم شخص غير سوي، لأنه مصاب بشذوذ عضوي أو نفسي، واليوم فإن البيولوجيا الجنائية، وبفضل الافاق العلمية المتجددة باستمرار أصبحت مجالات وآفاق

أبحاثها واسعة للغاية.

ولهذا السبب يعتقد بعض الباحثون، وهم يؤيدون في ذلك الخلط الذي أرساه Greef de بأن علم الإجرام لا يوجد كعلم في ذاته، أو الفقيه Sellin الذي يؤكد مقولة " بأن علم الإجرام يشبه ملك بدون مملكة" ، كإشارة واضحة منه إلة خاصية انعدام موضوع خاص بعلم الإجرام وافتقاده إلى مجال خاص به.

إن الدراسات الإجرامية عرفت تطورا كبيرا منذ أن وضع لمبروزو نظرية المجرم بالميلاد والتي جعلت علم الإجرام يتقاطع مع عدة علوم كعلم النفس وعلم البيولوجيا وعلم الإجتماع مما أدى إلى القول بأن علم الإجرام لا يستحق صفة علم ، واستند في هذا الإتجاه على مجموعة من الحجج:

- 1 -لا تتميز الدراسات الإجرامية بالإستقلال والذاتية، وتتضح مظاهر انعدام الإستقلال من خلال الأوجه التالية:

*إن علم الإجرام ليس إلا جزءا من علم آخر. ذلك أن العلوم التي تقوم بدراسة الظاهرة الإجرامية من الزاوية الواقعية هي من صميم اختصاص علم البيولوجيا الجنائية، علم النفس الجنائي،علم االجتماع الجنائي.

* إن المكان الطبيعي للدراسات الإجرامية، هو علم السياسة الجنائية، لأن هذا العلم يهدف إلى تقييم درجة فعالية وكفاءة القاعدة القانونية من أجل منع الجريمة..

* وهناك من يعتقد أن علم الإجرام ليس إلا جزءا من علوم أخرى، مثل الطب الشرعي، وعلم الأمراض النفسية والعقلية والإجتماعية العلمية الصرفة.

* يطلق أنصار التشكيك في الصفة العلمية، مصطلحات للتعبير عن الحقيقة التي يؤمنون بها، فعلم الإجرام ليس في نهاية المطاف إلا دائرة معارف، أو تلك الدراسات المتكاملة للإنسان، أو علم علوم الإنسان أو دراسات حول شخصية المجرم.

نقد هذا الإتجاه: إن التشكيك في ذاتية واستقلال علم الإجرام لا يقوم على أساس منطقي، ذلك أن اعتماد علم الإجرام على المعطيات التي يتوصل لها علم آخر أو كونه يستعين بأبحاث ونتائج يتم التوصل لها في نطاق علوم أخرى لا يعني أنه ليس علما.

إن هذا الوضع الذي يتميز به علم الإجرام ليس حكرا عليه بمفرده لأن الوضع الطبيعي لكافة العلوم الإنسانية. 

يتبع ........ 

تلخيص ممتاز لمادة علم الإجرام ( الجزء الأول) تعريف علم الإجرام

نظرا لطول الموضوع و للإلمام بكافة الجوانب المتعلقة بمادة علم الإجرام كان لا بد لنا من تقسيم الموضوع الى أجزاء 

أو يمكنكم تحميل الملخص كاملا من هنا







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق